بعد عاصفة “بيع خور عبد الله”.. الرئاسات الثلاث تتراجع وتعيد الملف إلى البرلمان

أراي نيوز /متابعة
في خضم موجة غضب شعبي عارمة حملت وسم “بيع خور عبد الله”، وتحوّلت إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين الجماهير والسلطة، اضطرت الرئاسات الثلاث إلى الانحناء أمام العاصفة. فبعد أشهر من الجدل، وسحب الشارع العراقي لشرعية ما سُمّي بـ”اتفاقية التنازل”، جاء القرار الرسمي: سحب الطعون والعودة إلى البرلمان، بعد أن قالت المحكمة كلمتها واعتبرتها غير دستورية.
عقدت الرئاسات الثلاث في العراق، اليوم الثلاثاء، اجتماعًا مشتركًا حسمت فيه موقفها من الجدل الدستوري والسياسي المتصاعد حول اتفاقية خور عبد الله الموقعة مع الكويت، معلنة سحب الطعون المقدَّمة إلى المحكمة الاتحادية بشأن الحكم الصادر بعدم دستورية الاتفاقية، وإعادة الملف إلى مجلس النواب لاتخاذ القرار وفق السياقات القانونية.
جاء هذا القرار بعد أشهر من تصاعد الضغط الشعبي، الذي رفض الاتفاقية ووصفها ناشطون وسياسيون بأنها “تنازل عن السيادة”، في حين تصدّر وسم #بيع_خور_عبدالله منصات التواصل الاجتماعي، مترافقًا مع انتقادات لاذعة طالت صناع القرار، خصوصًا بعد أن وصف النائب فائق الشيخ علي الاتفاقية بأنها “مخزية”، فيما قال النائب حسن التميمي إن “من يصوّت لها مرفوض شعبياً وسياسياً”.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت في أيلول 2023 حكمًا يقضي بعدم دستورية إقرار الاتفاقية داخل البرلمان العراقي، موضحة أن المصادقة عليها لم تتم بأغلبية الثلثين كما يقتضي الدستور العراقي في الاتفاقيات ذات الطابع السيادي.
رغم ذلك، قدم كل من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد طعونًا إلى المحكمة يطلبان فيها العدول عن الحكم، بدعوى أن الاتفاقية تمثل التزامًا دوليًا وأن إبطالها قد يضر بعلاقات العراق مع جيرانه، لاسيما الكويت.
لكن تحت وطأة الغضب الجماهيري واتساع دائرة الرفض الشعبي، قررت الرئاسات الثلاث، وفق بيان رسمي، سحب الطعون المقدمة وترك الملف بيد مجلس النواب، ليُعاد التصويت على الاتفاقية وفق الآليات الدستورية.
وأشار البيان المشترك إلى أن العراق “ملتزم بالاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس الأمن”، لكنه في الوقت نفسه يحترم قرارات القضاء العراقي، مؤكدًا ضرورة “عرض الاتفاقيات التي تمس السيادة الوطنية على البرلمان ومناقشتها بشفافية تامة”.
لاقى القرار ترحيبًا مشروطًا من الشارع العراقي، حيث اعتبره البعض “تصحيحًا متأخرًا”، فيما يرى آخرون أنه مجرد محاولة للالتفاف على الحكم القضائي، مطالبين البرلمان بعدم تمرير الاتفاقية مجددًا.
وفي الوقت ذاته، حذر ناشطون من “تمرير الاتفاقية تحت الطاولة”، داعين إلى مراقبة دقيقة لما سيجري في البرلمان، ومؤكدين أن “الشعب لن يقبل بتكرار ما جرى عام 2013”.
وهكذا، أعادت عاصفة خور عبد الله ترتيب الأوراق، واضطر المسؤولون إلى مراجعة حساباتهم تحت ضغط الشارع والقانون. غير أن معركة السيادة لم تنتهِ بعد، فقد انتقلت من قاعة المحكمة إلى ساحة البرلمان، وما بينهما عين الشعب تراقب، ولسانه لا يزال يردد: خور عبد الله عراقي.. والسيادة لا تُمنح بل تُنتزع.
تقرير
حسين الفايز