الانتخابات العراقية: دائرة مفرغة من الخطاب الطائفي والمصالح الحزبية

بقلم الصحفي حسين الفايز
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في العراق، تبدأ الأحزاب السياسية بإحياء أساليبها التقليدية لجذب الناخبين، وأبرزها استغلال الوتر الطائفي واللعب على مشاعر القاعدة الشعبية. هذه الأساليب لم تعد خافية على الشعب العراقي، لكنها لا تزال تُستخدم لتحقيق مكاسب سياسية محدودة الأفق.
السنة وقضية “المظلومية”
عادةً ما يلجأ بعض الساسة السنة إلى خطاب “المظلومية” بهدف كسب تعاطف الشارع السني. يتحدثون عن تهميش حقوق الطائفة وصعوبة أوضاعها، رافعين شعارات التغيير والعدالة. لكن هذه الوعود غالباً ما تذوب بعد الانتخابات، حيث تُباع القضية لصالح منصب وزاري أو مكاسب شخصية ضيقة، تاركين الشارع السني في حالة من الخيبة المتكررة.
الشيعة وخطاب التهديد
على الجانب الآخر، يجد الساسة الشيعة ضالتهم في استحضار شبح “البعث”، ملوّحين بمخاطر عودة النظام السابق كوسيلة لتخويف ناخبيهم ودفعهم للتصويت. في الوقت ذاته، تُطرح مظلومية الشيعة كذريعة للتغطية على أوجه القصور في الخدمات أو العدالة الاجتماعية كسبيل مثال حصة الاقليم تظلم محافظات الوسط والجنواب ، في محاولة لإقناع الناخبين بأن أي اعتراض أو انتقاد قد يُفسَّر كتهديد لوحدة الطائفة.
الأكراد وحلم الدولة المستقلة
أما الساسة الأكراد، فيبقى خطابهم متمحوراً حول تحقيق حلم الدولة الكردية المستقلة. هذا الخطاب يجد صدى واسعاً في الشارع الكردي الذي يقال بأنه يطمح ليكون دولة ، لكنه يواجه عراقيل داخلية وخارجية، تُستغل سياسياً لإبقاء الحالة كما هي دون تحقيق نتائج ملموسة لطموحه .
الشعب والدائرة المغلقة
رغم وعي شريحة واسعة من الشعب العراقي بآليات هذه اللعبة الطائفية، إلا أن الخيارات أمامهم غالباً ما تكون محدودة. في ظل غياب البدائل القوية والبرامج الانتخابية الواقعية، يجد المواطن نفسه مضطراً لاختيار أقل الضررين أو التمسك بالولاءات الطائفية والقبلية.
الخلاصة
ما لم يتحرك الشعب بشكل واعٍ لتجاوز هذه الخطابات المستهلكة واختيار مرشحين يركزون على بناء الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية، ستبقى الانتخابات العراقية دائرة مفرغة يعيد فيها الناخبون إنتاج نفس الطبقة السياسية. وعلى الأحزاب أن تدرك أن التغيير الحقيقي يبدأ بإصلاح خطابها ونهجها السياسي بعيداً عن استغلال الطائفية والمصالح الشخصية.